الصداقة _ هل تأثرت بعصر وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت؟

ما هو مفهوم الصداقة؟

تعتبر الصداقة واحدة من أهم وأسمى العلاقات الإنسانية لما لها من فوائد عظيمة للإنسان وصحته النفسية، ويقصد بالصداقة تلك العلاقة الاجتماعية التي تربط بين فردين أو مجموعة أفراد على أساس المودة والتعاون والثقة فيما بينهم كونها علاقة مبنية على أسس متينة، لكن مفهوم الصداقة يتغير بتغير المجتمعات والأزمنة، وقد يختلف مفهوم الصداقة في عصرنا الحالي الذي يغلب عليه الطابع التكنولوجي عن مفهوم الصداقة في أزمنة سالفة.


الصداقة والانترنت
الصداقة _ هل تأثرت بعصر وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت؟


في هذا المقال سنتعرف على الصداقة ومفهومها، وهل تأثرت بالزخم التكنولوجي والتطور الذي نعيشه حاليا، خصوصا في ظل الانتشار الكبير لاستخدام وسائل التواصل الاجتماعي التي جعلت العالم يشبه قرية واحدة صغيرة، إضافة لهذا سنتطرق إلى أهمية الصداقة في حياتنا، كما سنستعرض بعض نقاط المقارنة بين الصداقة في الواقع والصداقة الإلكترونية بشكل عام. 


ما هي أهمية الصداقة في حياتنا؟

أثبتت الصداقة عبر مختلف العصور ومنذ القديم قوتها وفائدتها في بناء المجتمعات وتأثيرها الكبير على حياة الانسان من الناحية النفسية والعاطفية، وهذه بعض جوانب أهمية الصداقة في حياتنا:

  • تعزيز الدعم الاجتماعي: تقدم الصداقة بمختلف أنواعها دعما اجتماعيا كبيرا لك كفرد إذ تعد عاملا هاما للتعامل مع مختلف التحديات التي يمكن أن تواجهك في فترات من حياتك، إذ أن الأصدقاء الذين يقدمون الدعم الدائم لبعضهم البعض غالبا هم الأكثر تجاوزا لمختلف مشاكل الحياة بسهولة.
  • الدعم العاطفي: يمنح لك الأصدقاء دعما عاطفيا خاصا وبالأخص وقت اللحظات الصعبة التي تمر فيها، فيكونون كمصدر لمنح القوة على الاستمرار ومواجهة الصعاب، إذ تسمح  لك الصداقات الموجودة في حياتك بالتحدث والتنفيس عن ما تشعر به خاصة وقت الحاجة للحديث.

  • الحد من الشعور بالوحدة: تشعرك الصداقة بالاجتماعية والعيش وسط الناس، كما تقلل بشكل كبير من الشعور بالعزلة، من خلال قضاء الأوقات الممتعة مع الأصدقاء أو السفر أو ممارسة الهوايات مع صديق لك ستشعرك بأنك انسان مهم وسط المجموعة.

بشكل عام الصداقة لا تعد فقط مجرد علاقة إجتماعية بين شخص وآخر ، لكنها تتعدى هذا المفهوم لتكون مفهوم أقوى مبني على روابط متينة بين الفرد والفرد والفرد والجماعة تحكمها المحبة والثقة والدعم بكل أنواعه.


هل تأثرت الصداقة بوسائل التواصل الاجتماعي والانترنت؟

مع الانتشار الكبير والتطور الملحوظ للانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي في بعض الجوانب الهامة لحياتنا ومنها الصداقة، نتسائل دائما عن هل تأثرت الصداقة باستخدام وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت، كون هذا السؤال جوهري ويثير التفكير حول تأثير التكنولوجيا على طبيعة علاقاتنا المتنوعة.

تحدي الخصوصية والأمان

يمكن أن يؤدي تحدي الخصوصية وتوفير الأمان في حسابات المستخدمين عبر مواقع التواصل الاجتماعي من ناحية تبادل المعلومات الشخصية الذي يعد هو الأخير أمرا شائعا إلى زعزعة الثقة بين الأصدقاء.

توسع رقعة المقارنة الاجتماعية

يمكن أن تأثر وسائل التواصل الاجتماعي على الصداقة بين الناس من خلال اتساع فجوة المقارنة الاجتماعية والشعور بما يرى الأصدقاء من مقاطع الفيديو الخاصة لبعضهم البعض حول استعراض نمط الحياة الذي يعيش أحد الأصدقاء، مما قد يدفع بالشعور إلى عدم الرضا عن الحياة الخاصة ويمكن أن يسبب الغيرة ما بين الأصدقاء.

صداقات كثيرة لكن سطحية

الاستخدام الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي زاد من عدد الصداقات بأنواعها، كون التواصل أصبح أسرع وأسهل، هذا ما مهد الطريق أمام تكوين الصداقات الكثيرة، ولكن معظم هذه الصداقات الإلكترونية يمكن أن تكون علاقات صداقة سطحية تفتقر إلى المفهوم الحقيقي للصداقة وأسسها التي تعتمد عليها بشكل كبير مثل الثقة والمحبة والمشاركة الفعالة.

الافتقار إلى التواصل الشخصي

يمكن أن تؤثر وسائل التواصل على الصداقة بحيث يصبح الأصدقاء بغنى عن التواصل وجها لوجه والاستعانة بالإنترنت للتواصل بشكل أسرع، وهذا ما قد يؤثر سلبا على تمتين الروابط بين الاصدقاء في المجموعة.

سهولة التواصل بين الأصدقاء

 من بين الجوانب الإيجابية لوسائل التواصل الاجتماعي على الصداقة أنها جعلت التواصل بين الأصدقاء أسهل بكثير من أي وقت مضى ويتخطى كل الحدودالجغرافية، فعوض التفرد التام وتخصيص يوم ومكان من أجل الاجتماع مع الأصدقاء وأصبح بالإمكان التواصل فيما بينهم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت.

بناء العلاقات

من الواضح في نمط الحياة الحالي أن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت في بناء الصداقات، هذا ما عزز الصداقة وجعل لها أوجه ومفاهيم أخرى في ظل تطور التكنولوجيا، إضافة إلى المشاركة الفكرية حتى لو كانت مشاركة افتراضية كمشاركة الأفكار والآراء والتجارب.

تأثرت الصداقة بالتكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي بالمساعدة في تجاوز أو تصحيح بعض المعتقدات الخاطئة بين الشعوب وسمحت بالتعايش مع مختلف الثقافات بشكل أفضل عن طريق إنشاء صداقات من ثقافات متنوعة.

انتشار الشائعات بين الأصدقاء

يمكن أن يؤدي تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على الصداقة إلى زعزعتها في بعض الأمور ، مثل انتشار الشائعات والمواضيع التي يمكن أن تزعج أحد الاصدقاء في المجموعة ما قد يعمل على تدمير الصداقة أو تأثرها بشكل سلبي.

بشكل عام يمكن القول أن وسائل التواصل الاجتماعي والانترنت قد أثرت على الصداقة من جانبين الجانب الإيجابي والجانب السلبي، لكن الصداقة بكل أوجهها لم تتغير حتى لو تأثرت أو ببعض العوامل التكنولوجية، فالصداقة لا تزال تعتمد على العوامل الأساسية التي تكونها كالاحترام والدعم والثقة. 


مقارنة بين الصداقة الإلكترونية والواقعية

توجد الكثير من أوجه التشابه والاختلاف بين الصداقة الواقعية والصداقة الإلكترونية، وتكمن المقارنة بينهما فيما يلي:

 أوجه التشابه

  • تعتمد كل من الصداقة الواقعية والصداقة الإلكترونية أو الصداقة عبر الانترنت على الثقة بين الأصدقاء والمبادرة.
  • يمكن للأصدقاء في الصداقة الالكترونية والواقعية الاستفادة من بعضهم البعض عن طريق توسيع الصداقات وانتشارها واستغلالها بهدف تحقيق المصالح المتبادلة فيما بينهم.
  • تؤثر الصداقة الواقعية والصداقة الإلكترونية بشكل كبير على الصحة النفسية والعاطفية، كما أن لها أثر إيجابي  على الفرد بشكل عام.

أوجه الاختلاف

  • يمكن أن تكون الثقة بين الأصدقاء سواءا في الصداقة الإلكترونية أو الواقعية قليلة لكن الأصدقاء الإلكترونيين قد تكون الثقة فيما بينهم قليله جدا إلى منعدمة كونهم قد يخفون بعض الجوانب الخاصة بهم كما يمكن أن تكون هويتهم غير حقيقية.
  • يعتمد التواصل في الصداقة الواقعية على التواصل الشخصي الفعلي والحقيقي أي وجها لوجه، بينما التواصل في الصداقة الالكترونية يعتمد فقط على الشاشات وعلى الانترنت عن بعد.
  • يمكن أن تكون الصداقة بين الأصدقاء الواقعين فعلية وحقيقية لدرجة المشاركة فيما بينهم لكن المشاركة عند الأصدقاء الإلكترونيين قد تكون بدرجة أقل بكثير من الأصدقاء الواقعين، إذ لا يقدم لهم الفضاء الإلكتروني فرصة المشاركة في الأنشطة التي تمارس على أرض الواقع كالرياضات.

صحيح أن الانترنت ساهمت بشكل كبير في ازدياد الصداقات حول العالم وانتشارها وعبور الحدود الجغرافية، لكنها لم ترقى بشكل كامل إلى مفهوم الصداقة الواقعية والحقيقية كون الصداقة الواقعية تتطلب الحضور التام.


في الختام يمكن أن تكون وسائل التواصل الاجتماعي جسرا عابر للحدود يربط بين الأصدقاء، هذا ما جعل الصداقة تتأثر وفقها، لكنها قد لا تحل محل الأصدقاء الحقيقيين في بعض الظروف والأوقات التي يمر بها الشخص مثل اللحظات الحقيقية في الفرح والحزن، مع أنها قد تأثرت في جوانب معينة بعصر الانترنت وانتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير.


تعليقات